السبت، 1 مارس 2014

مذبحة السجن الحربي عام 1965

مذبحة عام 1965 *
 السجن الحربي عام 1965.
عزيزتي ...
هذه صفحة أخرى من مذكرات إحدى ضحايا ملك التعذيب حمزة البسيوني..
الجلادون يهوون بسياطهم على الأجساد، أحذية الزبانية تغوص في البطون، كلاب تنهش في لحم الرجال، أنين الجرحى، صراخ المصلوبين، حشرجة الموتى، إنها مذبحة عام 1965 التي يتحدث عنها الذين رأوها، ونجوا من الموت منها، وهم يقشعرون من الرعب، هذا الهول الذي رأوه بأعينهم والسياط تنهال فوق رؤوسهم.
ولم يكن حمزة البسيوني يومئذ ملك التعذيب، فقد كان يجلس على العرش شمس بدران امبراطور التعذيب، وتحول حمزة البسيوني أوتوماتيكياً إلى واحد من رعاياه!
وصحيح أن حمزة البسيوني كان يحمل يومئذ رتبة اللواء .. وكان شمس بدران يحمل رتبة العقيد!
ولكن في مملكة التعذيب الرياسات ليست بالرتب والألقاب! فقد كان شمس بدران هو مدير مكتب المشير، ولهذا كان اللواء حمزة البسيوني ينحني بين يديه ويؤدي التحية العسكرية!
وهكذا شهد زبانية حمزة البسيوني منظراً عجيباً لم يألفوه من قبل! لقد تعودوا أن يروا سيدهم الحاكم بأمره، الذي يملك وحده حق إصدار الحكم بالموت أو الحياة! الذي يجلد من يشاء، ويعفو عمن يشاء، الذي كان يقول لهم في صلف وغرور وغطرسة: أنا ربكم الأعلى!
هاهو ذا ملك التعذيب يتحول فجأة أمام شمس بدران كأنه الكلبة ليلى، أو الكلبة ميمي، أو الكلب ركس...وغيرها من كلاب السجن!
هذا السفاح الرهيب يتحول فجأة إلى (جندي مراسلة) يقدم لشمس بدران زجاجة الكوكاكولا أو فنجان القهوة، ويهرول إلى تلبية طلباته وأوامره!
ولم يحضر شمس بدران إلى السجن الحربي وحده، وإنما أحضر معه بعض رجال المباحث الجنائية العسكرية، وطلب إليهم أن يتولوا عملية تعذيب المتهمين! وامتلأت عينا السفاح حمزة البسيوني بالدموع! لماذا يحرم هذه المرة من شرف تعذيب المتهمين!
ماذا جنى من ذنب، حتى يسحب شمس بك منه امتياز واحتكار ضرب المتهمين بالسياط وتعذيبهم، وتسليط الكلاب عليهم، وينعم بهذا الحق على هؤلاء الصعاليك الذين لا يفهمون فن التعذيب وأصول التحقيق! كيف ينسى شمس بك مفاخر حمزة البسيوني طوال السنوات الماضية، وأشار حمزة إلى رمال السجن، وكأنه يشير إلى جثث المدفونين تحت الرمال وكأنه يقول ما قاله أمير الشعراء أحمد شوقي:(هذه آثارنا تدل علينا!).
ويظهر أن شمس بدران لم يلتفت إلى نظرات الاستعطاف في عيني اللواء حمزة البسيوني، ومضى يصدر أوامره وتعليماته!
وهنا تقدم حمزة البسيوني وأشار إلى أحد المسجونين المقيدين بالأغلال وقال لشمس بدران متوسلاً في صوت متهدج:
-أرجوك ياشمس بك! والنبي...من فضلك! أرجوك تتركني أعذب أنا هذا الشاب!!
وذهل الموجودون في الغرفة من هذا الطلب العجيب! ما الذي يجعل هذا اللواء المهيب يتذلل ويستعطف ويتوسل إلى ضابط أصغر منه رتبة، ليعطيه شرف تعذيب مسجون شاب؟
ورقّ قلب شمس بك وسمح للواء حمزة البسيوني أن يعذب الشاب..!
وأشرقت أسارير اللواء حمزة البسيوني! ظهر في عينيه نشوة عجيبة، تهلل وجهه، وبدأ يعذب الشاب المسكين بلذة غريبة، كأنه يعانق ملكة جمال!
قد يدعي أحد الذين يقومون بعملية التعذيب، أنه اضطر إلى ارتكاب هذه الجريمة مرغماً، تنفيذا لأوامر صدرت إليه، ولكن هذا رجل يتوسل ويستعطف ويكاد يركع راجياً أن تسند إليه عملية التعذيب!!
وعندما يحققون له أمنيته، وينهال بالسوط في يده، ويرى الدم ينزف من الضحية، ويسمع صرخاته المفجعة، ويراه أمامه وهو يتلوى من الألم يشعر بنفس الإحساس الذي تشعر به المرأة في قمة لذتها!
إن الذين شهدوا عمليات التعذيب كما شاهدناها يدهشون لمنظر وجوه الجلادين المنتشية بعد عمليات التعذيب الوحشي.
إن ضحايا التعذيب لا ينسون أبداً وجه (يسري الجزار) وقد كان المساعد الأيسر لصلاح نصر في عمليات التعذيب، بينما كان حسن عليش المساعد الأيمن.
كثيراً ما كان يحضر يسري الجزار إلى السجن الحربي للقيام بعمليات التعذيب. وكان قبل عملية التعذيب يبدو متعباً مرهقاً مكدوداً..ولا يكاد يأمر زبانيته بالبدء في التعذيب حتى يزداد وجهه إشراقاً مع كل سوط يهوي على جسد المسجون، تلمع عيناه بهناء عجيب، صوت الصراخ والأنين يتحول في أذنه إلى أصوات موسيقية، كلها غزل وصبابة، وهو ملتهب. الأنين يشجيه والصراخ يطريه، ومنظر الدم المسفوك يملأه بالنشوة.
إنه يرى في منظر الرجل الذي يتلوى أمامه من الألم والعذاب منظراً خلاباً، أسمى مراتب الجمال، كأنه يرى فينوس أو أفروديت تبعث إلى الحياة!
صوت السوط يغني في أذنه، منظر الدم القاني يتحول في عينه إلى مجوهرات كريمة. كانت هذه المناظر المفجعة تملأ عيني يسري الجزار بصور اللذة والمتعة والنشوة والشهوة! وكأن الرجل العاري المسحوق الذي أمامه يتلوى من العذاب، هو ملكة جمال ساحرة تتلوى بين ذراعيه من اللذة والنشوة!
الصورة التي رأيناها في عيون يسري الجزار أثناء عمليات التعذيب هي نفس الصورة التي رأيناها في عيون حمزة البسيوني وصلاح نصر وحسن عليش وغيرهم من الذين كانوا يجدون متعة لا حد لها في عمليات التعذيب.
والذي لاحظناه دائماً في شخصيات الذين يقومون بعملية التعذيب أنهم عادة من الشواذ، وشذوذهم هو الذي يجعلهم يحسون بالبهجة في عذاب الآخرين، وكلما كان العذاب أشد، كانت النشوة أكبر. إن ضمائرهم لا تستيقظ أبداً بعد هذه العمليات، على العكس، فهم بعد أن ينتهوا من التعذيب ينامون نوماً عميقاً، تماماً كما يحدث للمرأة العاشقة بعد أن يغادرها حبيبها!
وأكثر هؤلاء يشعرون بالنقص أمام الرجال، يشعرون بأنهم ضعفاء، وعندما يرون رجلاً عارياً يتلوى أمامهم من الألم والعذاب، يشعرون بلذة إذلال الرجال، بنشوة الانتقال من رجال لا يستطيعون أن ينازلوهم في أي ميدان، إذا فكّت قيودهم وسلاسلهم. إن عملية تجريد الإنسان من إنسانيته تثير اشمئزاز الرجل العادي، ولكنها تبهج الرجل الشاذ، وتسعده، وتكون تعويضاً له عما يحس به من داخل نفسه من ذل ومهانة، وهكذا كان حمزة البسيوني.
وكان ملك التعذيب شخصية مليئة بالمتناقضات، يأمر بجلد المسجونين ويأمر بالترفيه عنهم! يقيم المذابح ويقيم والحفلات! وكان يجد متعة لا حد لها في أن يقيم في بيته ليلة حمراء، يدعو إليها أسياده والغواني، ويشرب ويرقص على أنغام صراخ المسجونين الذين يأمر بجلدهم لهذه المناسبة السعيدة! وهكذا يختلط صراخ المسجونين المضروبين، بصراخ السكارى والراقصات!
وذات يوم قرر ملك التعذيب أن يقيم حفلة ترفيه للمسجونين، وأعد المسرح بالجنود، ووضع أمام المسرح مباشرة عددا من الكراسي الفوتيل لجلوس حمزة بك ومساعديه وخلفها مباشرة رصت دكك خشبية لجلوس المسجونين السياسيين، ثم حاجز من الحبال يفصلهم عن جمهور (الترسو) من المسجونين العاديين الذين يجلسون على الأرض.
وقام بإحياء الحفل عدد من راقصات شارع محمد علي والمغني البلدي أبو دراع والشنكحاوي والزعبلاوي للمنلوجات.
وبدأ الحفل مبكراً في الساعة السادسة مساء حيث حضر في بدايته حمزة البسيوني وصدر أمر الحراس للمسجونين بالهتاف والتصفيق الحاد وقال الحراس لنا أن الذي لا يهتف سوف يجلد عشرات الجلدات! وهتفنا طبعاً حتى بحت أصواتنا..ولم تكن هذه أول مرة يهتف فيها مجلودون للجلاد!
وظهرت على ثغر الطاغية ابتسامة رضا وانشراح ثم انصرف ليشرب زجاجة ويسكي مع بعض أعوانه وتوالت فترات البرنامج بين الهرج والمرج، حين صعدت إحدى الراقصات، وكانت على شيء من جمال الجسم والوجه، وأخذت تدور حول نفسها رافعة طرف بدلة الرقص، لتظهر ساقيها الجميلتين إلى أعلى مكان ممكن أو غير ممكن.
وهاج جمهور الترسو وماجوا، وطالبوا بإعادة الحركة صائحين (ارفع! ارفع!) ونزلت الراقصة على إرادة الجماهير، وكشفت عن فخذيها مرات ومرات!
ثم عاد حمزة بك مترنحا وقوبل بعاصفة من التصفيق والهتاف، وصعدت الراقصة نفسها إلى المسرح، وعادت الجماهير تصيح ارفع! ارفع!
ولم يتمالك حمزة نفسه فقام من مقعده، ولوح بقبعته وهو يصيح في الراقصة (ارفع! ارفع) ورفعت الراقصة ثوبها كله بناء على طلب المدير، لأن الناس مقامات!
وجن جنون ملك التعذيب، وأمر بإنهاء الحفلة، وأدخل المسجونين إلى زنازينهم، وأخذ معه الراقصة إلى بيته الموجود في السجن، لتختم الحفلة معه على انفراد!
ومر الحراس على زنزانات المسجونين المجاورة لغرفة خدم حمزة البسيوني، وانهالوا على المسجونين ضرباً، ليصل صراخهم إلى حمزة بك، لتزداد نشوته في ليلته الحمراء!
في أواخر عام 1959 شهد سجن حمزة البسيوني أول ثورة للمسجونين في الشرق الأوسط! ثورة لم تكتب عنها الصحف كلمة واحدة، ولم تتناقلها وكالات الأنباء، على الرغم من أن المسجونين استطاعوا أن يستولوا على السجن لمدة ثلاثة أيام!
كان ذلك في نهاية يوم حافل بالعمل الشاق، والإهانات، والآلام والعذاب. جلس نزلاء السجن الكبير القرفصاء أربعة أربعة، في صفوف متراصة في حوش السجن لتناولوا الطعام، فهذه كانت الطريقة المتبعة في تناول الطعام يومياً. المسجون لا يجلس على كرسي، ولا على الأرض وإنما يجلس المسجونون القرفصاء ويتناولون طعامهم في هذا الوضع الغريب!
وكان المسجونون مكدودين من العمل الشاق، مرهقين بألوان المعاملة السيئة، الشتائم تنهال على رؤوسهم كالصفعات، وكل حارس يجد نشوة في إذلالهم، وفي تحطيم آدميتهم، وفي أن يدوس بحذائه على كرامتهم! وتحملوا كل هذا طوال النهار صامتين صاغرين...
وأثناء تناول العشاء قام أحد الحراس بضرب أحد المسجونين بحذائه، لأنه تجرأ وجلس على الأرض من شدة التعب، بدلاً من أن يجلس القرفصاء كأمر حمزة البسيوني..
وقال المسجون بأنه لا يستطيع أن يجلس القرفصاء لأنه متعب تعباً شديداً!
وكفر المسجون لأنه فتح فمه في حضرة الحارس العظيم، وانهال الحارس بالكرباج على المسجون المتعب، وكأنه ارتكب جريمة مروعة.
وفوجئ الحراس بأن المسجونين (يزومون) احتجاجاً! وثار الحراس لكرامتهم! كيف يجرؤ هؤلاء المسجونون المسحوقون الصعاليك على أن (يزوموا) في حضرة أصحاب السعادة زبانية حمزة البسيوني! وانهال الحراس ضرباً بالسياط على جميع المسجونين الذين (زاموا) والذين لم ينطقوا بكلمة واحدة!
وانقض المسجونون الراكعون على أقدامهم! واختطفوا السياط من أيدي الحراس وانهالوا عليهم ضرباً وصفعاً وركلاً! وجعلوهم يذوقون ما ذاقوه على أيديهم الشهور والسنين الطوال!
واختطفوا أسلحتهم، وقبضوا عليهم جميعاً ووضعوهم في الزنازين، وهاجم المسجونون مخزناً كبيراً فيه سلاسل وأقفال، وأحكموا إغلاق الباب الحديدي وصرخ الحراس الواقفون خارج العنبر (حرس سلاح) وأسرع الحرس الموجود خارج العنبر يحاول أن يقتحم الباب الحديدي وفشلت المحاولات وعجز عن اقتحامه!
وأعلن المسجونون أنهم استولوا على السجن، وأنهم احتفظوا بالحراس كرهائن، وأنهم سوف يقاومون من يحاول دخول السجن!
ووزع المسجونون المهمات على بعضهم، فريق يحرس الباب وفريق يحرس السطح وفريق للإسعاف، وفريق يبني المتاريس وفريق يتولى حراسة الحراس المقبوض عليهم!
وحضر أركان حرب السجن، ومعه مكبر للصوت، حاول بواسطته تهدئة المسجونين الثائرين والتفاهم معهم دون جدوى، فقط أمطرت عليه السماء، وعلى الحراس الذين صحبوه، أحجاراً وقطعاً من الحديد..واضطر إلى التراجع..
وكان حمزة البسيوني في مدينة الاسكندرية في جولة تفتيشية فاتصل أركان الحرب تليفونياً به وأخبره بما حدث، فأمره البسيوني بإطلاق النار للتهديد، ومحاولة السيطرة على الموقف بأي طريقة، وقال أنه سيعود فوراً إلى القاهرة.
وأقام أركان الحرب (كردوناً) من الحراس المسلحين حول مبنى السجن، ثم أمرهم بواسطة مكبر الصوت أن يطلقوا النار عندما يعطيهم الإشارة بذلك، ثم أمر الضابط الباشجاويش أن يجري حول المبنى، ويبلغ الجنود أن الأمر هو بإطلاق النار في الهواء للتهويش، ويحذرهم من الضرب في المليان!
ولكنه قبل أن يتم دورته أمر أركان الحرب بإطلاق النار..وإذا بعدد من الجنود يطلقون النار في المليان!
وسقط أحد المسجونين قتيلاً، وسقط عدد من المسجونين جرحى برصاص الحراس..
واندلعت الثورة، والتهبت المعركة، وانهال سيل الأحجار وقطع الحديد بغزارة على الحراس، واضطر أركان الحرب المذهول إلى الأمر بالانسحاب!
وحل الظلام، وأقام المسجونون نقط حراسة على الأسوار، وتولى عدد آخر منهم حراسة المسجونين! وأصدروا أوامرهم إلى المسجونين ألا يضربوا الحراس الأسرى، وألا يسيئوا معاملتهم، كما كان الحراس يسيئون معاملة المسجونين، ونظم المسجونون الثائرون توزيع المخزون عندهم من خبز وماء، وأنزلوا جثة المسجون القتيل من فوق السطح، وتولى عدد منهم إسعاف الجرحى وتنظيف جرحهم!
وفي الصباح المبكر وصل حمزة البسيوني، وجاء بمكبر الصوت، وصرخ في المسجونين مزمجراً مهدداً متوعداً، وهتف المسجونون الثائرون بسقوط الطاغية وسقوط السفاح!
وتحول الأسد الهصور إلى فأر، وراح يتوسل إلى الثوار أن يهدأوا ويستسلموا وهو يعدهم بشرفة أنه سيجيب جميع مطالبهم، ولن يعاقب واحداً منهم لأنهم استولوا على السجن!
ودوى صوت المسجونين الثائرين كالرعد هاتفين بسقوط المجرم القاتل! وتوافد المسئولون محاولين إقناع المسجونين الثائرين بإنهاء ثورتهم، من أجل علاج الجرحى ودفن السجين القتيل، واعدين بإجابة جميع مطالبهم!
ورفض المسجونون وأصروا على أنهم لا يفاوضون إلا المشير عبدالحكيم عامر!
واستمر المسجونون ثلاثة أيام يحكمون السجن!
وأخيراً حضر الفريق أول علي عامر، وكان رئيساً لأركان حرب الجيش وقتئذ، وقال للمسجونين أن المشير موجود في سوريا، وأنه يستحيل عليه الحضور لمقابلتهم، وذكر لهم أنه اتصل بالمشير تليفونياً، وكلفه بأن يقابل المسجونين نيابة عنه، ووعدهم بإجابة جميع مطالبهم، وعدم توقيع أي عقوبات عليهم.
وطلب المسجونون وقف عمليات التعذيب فوراً، ووافق الفريق علي عامر..
وطلب المسجونون سحب أفراد حرس البسيوني، وإحلال حراس محلهم من أفراد البوليس الحربي، فوافق الفريق عامر..
وطلب المسجونون وقف سوء المعاملة المستمر على آدميتهم، فوافق الفريق عامر أيضا.
واستدعيت على عجل فرقة من البوليس الحربي، ودخلت مبنى السجن، ووزعت على المسجونين قطع الشوكلاته، وعلب السجائر المحظورة عليهم طبقاً للائحة حمزة البسيوني.
وسحبت جثة القتيل، ونقل الجرحى إلى المستشفى، وتم فك أسر الرهائن من الحراس..
وتوقف الضرب والتعذيب..
واستمر ذلك لمدة اسبوعين!
وفي اليوم الخامس عشر، فوجئ المسجونون بانسحاب البوليس الحربي..وبعودة حرس حمزة البسيوني..وعاد حمزة البسيوني ليبدأ عهداً جديداً أشد قسوة وإرهاباً وتعذيباً..
وتألفت مجالس عسكرية حكمت على أربعين مسجوناً بعقوبات مروعة! وتم نقل هؤلاء إلى المعتقل رقم 4، حيث فتحت عليهم نار جهنم، ونالوا من العذاب ما لا يصدقه عقل!
وبدأت عمليات الانتحار!
لا يمر اسبوع واحد بدون حادث انتحار، أو حادثتي انتحار! يصعد المسجون إلى الدور الثالث لمبنى السجن، ثم يلقي بنفسه إلى الطابق الأرضي ليريح نفسه من عذاب حمزة البسيوني وزبانيته، وكلابه!
ولم تسجل سجلات سجن حمزة البسيوني حادث انتحار واحد!
كان المنتحرون دائما يسجلون في دفاتر السجن بأنهم ماتوا بالسكتة القلبية، أو ماتوا بالشيخوخة!
مع أن كثيرين منهم كانوا في العشرين من عمرهم!

ـــــــ
المصدر: سنة أولى سجن تأليف مصطفى أمين.

*بتصرف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق